أحكام الزكاة
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وبعد
تعد الزكاة الركن الثالث من أركان هذا الدين العظيم ، ونظراً لأن زكاة الفطر مرتبطة بهذا الشهر وكذلك كثير من الناس يعُد هذا الشهر تماماً للحول الذي يخرج فيه زكاة ماله ، كان من المناسب جداً أن يبيّن للناس أحكام هذه الفريضة العظيمة .
· الزكاة فرض على كل مسلم : قال صلى الله عليه وسلم بني الإسلام على خمس شهادة أن لاإله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة ، وصوم رمضان ، وحج البيت من استطاع إليه سبيلاً ))(158) . فأثبت في الحديث أن الزكاة ركن . وهذه الزكاة إذا أداه المسلم طيبة بها نفسه تمت له فوائد عظيمة منها :
1) تمام إسلامه لأنه أدى ركناً عظيماً من أركان هذا الدين
2) أنها دليل على صدق إيمانه لأن المال محبوب إلى النفس ، وكون الإنسان يبذل هذا المال إلى مستحقيه إستجابة لنداء الله تعالى فإن ذلك من أعظم الأدلة على صدق هذا الإيمان .
3) أنها تدفع عن صاحبها البلاء قال ابن القيّم رحمه الله تعالى : فإن للصدقة تأثيراً عظيماً في دفع أنواع البلاء ، ولو كانت من فاجر أو ظالم ، بل من كافر فإن الله تعالى يدفع بها أنواعاً من البلاء ، وهذا أمر معلوم عند الناس خاصتهم وعامتهم ، وأهل الأرض مقرون به لأنهم جربوه .اه (159) .
ولها جملة فوائد قد لايفي بها هذا المقام .
وهي أنواع :
أولاً : زكاة الفطر وهي زكاة واجبة ، ووقت وجوبها الفطر من شهر رمضان ، وسبب وجوبها في هذا الشهر قول النبي صلى الله عليه وسلم : (( فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث ، وطعمة للمساكين ...... الحديث ))(160) . وتجب على الذكر والأنثى والحر والعبد والكبير والصغير من المسلمين ومقدارها : صاعاً من طعام أهل البلد لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفكر صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير على الذكر والأنثى والحر والعبد والكبير والصغير من المسلمين ))(161) . ومقدار الصاع ثلاثة كيلو لكل فرد . أو كيلوين وأربعين غراماً على رأي آخر من آراء أهل العلم . ووقت وجوبها ليلة الفطر ، ويجوز إخراجها قبل العيد بيوم أو يومين وأفضل وقت في إخراجها قبل صلاة العيد .
ثانياً : زكاة المبالغ النقدية
إن عرف الإنسان وقت كل مال يدخل عليه وضبط حوله بهذه الطريقة فله أن يزكي كل مال وقت حلول الحول الذي ضبطه به ، وإن لم يستطع فإنه يجعل شهر رمضان مثلاً حولاً لكل ماله الذي بين يديه فيكون لبعضه حولاً كاملاً وللمتأخر من المال من باب تعجيل زكاته ، فيحسب المال الذي بين يديه ويخرج زكاته في هذا الشهر . ونصاب هذه النقود ربع العشر إي اثنان ونصف من المئة ، وخمسة وعشرون من الألف .
مسألة : هل في الديون التي عند الناس زكاة ؟
إن كان المال على غني باذل فإن الزكاة واجبة فيه كل سنة لأنه في حكم الموجود ، فله أن يزكي هذا النوع من الديون مع زكاة ماله وهذا هو الأفضل والأسرع في إبراء الذمة . أما إن كان الدين على معسر أو مماطل فلا زكاة عليه ، ولكن إذا قبضه يزكيه مرة واحدة في سنة القبض فقط . ولا يلزمه زكاة ما مضى . وهذه فتوى الإمامين الجليلين ابن باز وتلميذه ابن عثيمين رحمهم الله تعالى.
ثالثاً : زكاة الحلي :
ذهب جمع من أهل العلم رحمهم الله تعالى إلى وجوب الزكاة في الحلي الملبوس واختار هذا القول الشيخان عبد العزيز بن باز ، ومحمد بن صالح بن عثيمين رحم الله الجميع لجملة أدلة مذكورة في مظانها .
رابعاًً : زكاة العروض :
تجب الزكاة في عروض التجارة لحديث سمرة بن جندب قال : (( أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نخرج الصدقة مما نعده للبيع ))(162) . فمن كانت لديه بضائع أو أقمشة أو مبيعات في متجره فإنه إذا حال عليها الحول يقيمها ثم يخرج الزكاة من قيمتها . هذه بعض معاني الزكاة وأحكامها ، وحرّي بنا أن نتفقّه فيها حتى نؤديها وفق أمر الله تعالى .
(158) رواه مسلم
(159) جامع الفقه
(160) رواه أبو داود وحسنه الألباني
(161) متفق عليه
(162) رواه أبو داود وحسّن إسناده ابن باز رحمه الله .